الحمدلله الذي له الحمد كله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأما بعد: فإن راحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه، هو المطلب لكل أحد، وبه تحصل الحياة الطبية ، ويتم السرور والابتهاج ولذلك أسباب دينية ، وأسباب طبيعية ، وأسباب عملية ، ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين،
وسأذكر برسالتي هذه ما يحضرني من الأسباب لهذا المطلب الأعلى:
- الإيمان والعمل الصالح .
- ومن الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق : ( الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل وأنواع المعروف ) وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها ، ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب ويتميز بأن إحسانه صادر عن إخلاص واحتساب لثوابه .
- ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب ، واشتغال القلب ببعض المكدرات : الانشغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة ) ، فإنها تلهي القلب عناشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه.
وهذا السبب أيضاً مشترك بين المؤمن بذلك العلم الذي يتعلمه أو يعلمه
- اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل، وعن الحزن على الوقت الماضي ، ولهذا استعاذ النبي من الهم والحزن .
- ومن أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينته : ( الإكثار من ذكر لله ) فإذن لذلك تأثيراًعجيباً في انشراح الصدر وطمأنينته
- التحدث بنعم الله الظاهرةوالباطنة ) فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم والغم، ويحث العبد على الشكر .
- ومن أنفع الأشياء في هذا الموضع : ( استعمال ما أرشد إليه النبي فإن العبد إذا نصب بين عينيه هذا الملحظ الجليل، رآه يفوق قطعاً كثيراً من الخلق في العافية .
- ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم : ( السعي في إزالةالأسباب الجالبة للهموم وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور.
- ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور : ( استعمال هذا الدعاء ) الذي كان النبي يدعو به : (( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح ليدنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي ، واجعل الحياة زياد ليفي كل خير ، والموت راحة لي من كل شر )) . (رواه مسلم)
- ومن أنفع الأسباب لزوال القلقوالهموم إذا حصل على العبد من النكبات : ( أن يسعى في تخفيفها بأن يقدر أسوأالاحتمالات التي ينهي إليها الأمر، ويوطن على ذلك نفسه.
- ومن أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية، بل وأيضاً للأمراض البدنية : ( قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة .
- ومتى اعتمد القلب على الله ،وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئة ، ووثق بالله وطمع فيفضله وزالت عنه كثير من الأسقام البدنية والقلبية وحصل للقلب من القوة والانشراحوالسرور ما لا يمكن التعبير عنه .
- وفي قول النبي صلى الله عليهوسلم : ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خُلقاً آخر ) (رواه مسلم) ، فائدتان عظيمتان : إحداهما : الإرشاد إلى معاملة الزوجة والقريب والصاحب والمعامل.
الفائدة الثانية : وهي زوال الهم والقلق ، وبقاء الصفاء ، والمداومةعلى القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، وحصول الراحة بين الطرفين .
- العاقل يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة، وأنها قصيرة جداً . فلا ينبغي لهأن يقصرها بالهم والاسترسال مع الأكدار .
- وينبغي أيضاً إذا أصابه مكروهأو خاف منه أن يقارن بين بقية النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية ، وبين ما أصابه منمكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم .
- ومن الأمور النافعة : ( أن تعرفأن أذية الناس لك وخصوصاً في الأقوال السيئة ، لا تضرك ، بل تضرهم )
- وأعلم أن حياتك تبع لأفكارك ، فإن كانت أفكاراً فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فحياتك طيبة سعيدة .
- ومن أنفع الأمور لطرد الهم : ( أن توطّن نفسك على أن لا تطلب الشكر إلا من الله ).