بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"سُورَة الْفَاتِحَة" مَكِّيَّة سَبْع آيَات بِالْبَسْمَلَةِ إنْ كَانَتْ مِنْهَا وَالسَّابِعَة صِرَاط الَّذِينَ إلَى آخِرهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهَا فَالسَّابِعَة غَيْر الْمَغْضُوب إلَى آخِرهَا وَيُقَدَّر فِي أَوَّلهَا قُولُوا لِيَكُونَ مَا قَبْل إيَّاكَ نَعْبُد مُنَاسِبًا لَهُ بِكَوْنِهَا مِنْ مَقُول الْعِبَاد
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
"الْحَمْد لِلَّهِ" جُمْلَة خَبَرِيَّة قُصِدَ بِهَا الثَّنَاء عَلَى اللَّه بِمَضْمُونِهَا عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَالِك لِجَمِيعِ الْحَمْد مِنْ الْخَلْق أَوْ مُسْتَحِقّ لِأَنْ يَحْمَدُوهُ وَاَللَّه عَلَم عَلَى الْمَعْبُود بِحَقٍّ . "رَبّ الْعَالَمِينَ" أَيْ مَالِك جَمِيع الْخَلْق مِنْ الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة وَالدَّوَابّ وَغَيْرهمْ وَكُلّ مِنْهَا يُطْلَق عَلَيْهِ عَالَم يُقَال عَالَم الْإِنْس وَعَالَم الْجِنّ إلَى غَيْر ذَلِك وَغَلَبَ فِي جَمْعه بِالْيَاءِ وَالنُّون أُولِي الْعِلْم عَلَى غَيْرهمْ وَهُوَ مِنْ الْعَلَامَة لِأَنَّهُ عَلَامَة عَلَى مُوجِده .
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"الرَّحْمَن الرَّحِيم" أَيْ ذِي الرَّحْمَة وَهِيَ إرَادَة الْخَيْر لِأَهْلِهِ .
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
"مَالِك يَوْم الدِّين" أَيْ الْجَزَاء وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَخُصّ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَا مُلْك ظَاهِرًا فِيهِ لِأَحَدٍ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ "لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم ؟ لِلَّهِ" وَمَنْ قَرَأَ مَالِك فَمَعْنَاهُ مَالِك الْأَمْر كُلّه فِي يَوْم الْقِيَامَة أَوْ هُوَ مَوْصُوف بِذَلِك دَائِمًا "كَغَافِرِ الذَّنْب" فَصَحَّ وُقُوعه صِفَة لِمَعْرِفَةِ .
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
"إيَّاكَ نَعْبُد وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين" أَيْ نَخُصّك بِالْعِبَادَةِ مِنْ تَوْحِيد وَغَيْره وَنَطْلُب الْمَعُونَة عَلَى الْعِبَاد وَغَيْرهَا .
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
"اهْدِنَا الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم" أَيْ أَرْشِدْنَا إلَيْهِ وَيُبْدَل مِنْهُ
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ
"صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْت عَلَيْهِمْ" بِالْهِدَايَةِ وَيُبْدَل مِنْ الَّذِينَ لِصِلَتِهِ بِهِ . "غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ" وَهُمْ الْيَهُود "وَلَا" وَغَيْر "الضَّالِّينَ" وَهُمْ النَّصَارَى وَنُكْتَة الْبَدَل إفَادَة أَنَّ الْمُهْتَدِينَ لَيْسُوا يَهُودَ وَلَا نَصَارَى وَاَللَّه أَعْلَم بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِع وَالْمَآب وَصَلَّى اللَّه عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّد وَعَلَى آله وَصَحْبه وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
" قُلْ أَعُوذ بِرَبِّ النَّاس " خَالِقهمْ وَمَالِكهمْ خُصُّوا بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُمْ وَمُنَاسَبَة لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْ شَرّ الْمُوَسْوِس فِي صُدُورهمْ
مَلِكِ النَّاسِ
هَذِهِ ثَلَاث صِفَات مِنْ صِفَات الرَّبّ عَزَّ وَجَلَّ الرُّبُوبِيَّة وَالْمُلْك وَالْإِلَهِيَّة فَهُوَ رَبّ كُلّ شَيْء وَمَلِيكه وَإِلَهه فَجَمِيع الْأَشْيَاء مَخْلُوقَة لَهُ مَمْلُوكَة
إِلَهِ النَّاسِ
" إِلَه النَّاس " بَدَلَانِ أَوْ صِفَتَانِ أَوْ عَطْفَا بَيَان وَأَظْهَر الْمُضَاف إِلَيْهِ فِيهِمَا زِيَادَة لِلْبَيَانِ
مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ
" مِنْ شَرّ الْوَسْوَاس " الشَّيْطَان سُمِّيَ بِالْحَدَثِ لِكَثْرَةِ مُلَابَسَته لَهُ " الْخَنَّاس " لِأَنَّهُ يَخْنِس وَيَتَأَخَّر عَنْ الْقَلْب كُلَّمَا ذُكِرَ اللَّه
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ
" الَّذِي يُوَسْوِس فِي صُدُور النَّاس " قُلُوبهمْ إِذَا غَفَلُوا عَنْ ذِكْر اللَّه
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
" مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس " بَيَان لِلشَّيْطَانِ الْمُوَسْوِس أَنَّهُ جِنِّيّ وَإِنْسِيّ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " شَيَاطِين الْإِنْس وَالْجِنّ " أَوْ مِنْ الْجِنَّة بَيَان لَهُ وَالنَّاس عَطْف عَلَى الْوَسْوَاس وَعَلَى كُلّ يَشْتَمِل شَرّ لَبِيد وَبَنَاته الْمَذْكُورِينَ , وَاعْتَرَضَ الْأَوَّل بِأَنَّ النَّاس لَا يُوَسْوِس فِي صُدُورهمْ النَّاس إِنَّمَا يُوَسْوِس فِي صُدُورهمْ الْجِنّ , وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّاس يُوَسْوِسَونَ أَيْضًا بِمَعْنَى يَلِيق بِهِمْ فِي الظَّاهِر ثُمَّ تَصِل وَسْوَسَتهمْ إِلَى الْقَلْب وَتَثْبُت فِيهِ بِالطَّرِيقِ الْمُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم .
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
" قُلْ أَعُوذ بِرَبِّ الْفَلَق " الصُّبْح
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ
" مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ " مِنْ حَيَوَان مُكَلَّف وَغَيْر مُكَلَّف وَجَمَاد كَالسُّمِّ وَغَيْر ذَلِكَ
وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ
" وَمِنْ شَرّ غَاسِق إِذَا وَقَبَ " أَيْ اللَّيْل إِذَا أَظْلَمَ وَالْقَمَر إِذَا غَابَ
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ
" وَمِنْ شَرّ النَّفَّاثَات " السَّوَاحِر تَنْفُث " فِي الْعُقَد " الَّتِي تَعْقِدهَا فِي الْخَيْط تَنْفُخ فِيهَا بِشَيْءٍ تَقُولهُ مِنْ غَيْر رِيق , وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ مَعَهُ كَبَنَاتِ لَبِيد الْمَذْكُور
وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ
" وَمِنْ شَرّ حَاسِد إِذَا حَسَدَ " أَظْهَر حَسَدَهُ وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ , كَلَبِيد الْمَذْكُور مِنْ الْيَهُود الْحَاسِدِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذِكْر الثَّلَاثَة الشَّامِل لَهَا مَا خَلَقَ بَعْده لِشِدَّةِ شَرّهَا .
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
" قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " سُئِلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبّه فَنَزَلَ " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " فَاَللَّه خَبَر هُوَ وَأَحَد بَدَل مِنْهُ أَوْ خَبَر ثَانٍ
اللَّهُ الصَّمَدُ
" اللَّه الصَّمَد " مُبْتَدَأ وَخَبَر أَيْ الْمَقْصُود فِي الْحَوَائِج عَلَى الدَّوَام
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
" لَمْ يَلِد " لِانْتِفَاءِ مُجَانَسَته " وَلَمْ يُولَد " لِانْتِفَاءِ الْحُدُوث عَنْهُ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
" وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد " أَيْ مُكَافِئًا وَمُمَاثِلًا , وَلَهُ مُتَعَلِّق بِكُفُوًا , وَقُدِّمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَحَطّ الْقَصْد بِالنَّفْيِ وَأُخِّرَ أَحَد وَهُوَ اِسْم يَكُنْ عَنْ خَبَرهَا رِعَايَة لِلْفَاصِلَةِ
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
" تَبَّتْ " لَمَّا دَعَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمه وَقَالَ : إِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد , فَقَالَ عَمّه أَبُو لَهَب : تَبًّا لَك أَلِهَذَا دَعَوْتنَا , نَزَلَتْ " تَبَّتْ " خَسِرَتْ " يَدَا أَبِي لَهَب " أَيْ جُمْلَته وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْيَدَيْنِ مَجَازًا لِأَنَّ أَكْثَر الْأَفْعَال تُزَاوَل بِهِمَا , وَهَذِهِ الْجُمْلَة دُعَاء " وَتَبَّ " خَسِرَ هُوَ , وَهَذِهِ خَبَر كَقَوْلِهِمْ : أَهْلَكَهُ اللَّه وَقَدْ هَلَكَ , وَلَمَّا خَوَّفَهُ النَّبِيّ بِالْعَذَابِ , فَقَالَ : إِنْ كَانَ مَا يَقُول اِبْن أَخِي حَقًّا فَإِنِّي أَفْتَدِي مِنْهُ بِمَالِي وَوَلَدِي نَزَلَ " مَا أَغْنَى عَنْهُ مَاله وَمَا كَسَبَ "
مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ
" مَا أَغْنَى عَنْهُ مَاله وَمَا كَسَبَ " أَيْ وَكَسَبَهُ , أَيْ وَلَده مَا أَغْنَى بِمَعْنَى يُغْنِي
سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ
" سَيَصْلَى نَارًا ذَات لَهَب " أَيْ تُلَهَّب وَتُوقَد فَهِيَ مَآل تَكْنِيَته لِتَلَهُّبِ وَجْهه إِشْرَاقًا وَحُمْرَة
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ
" وَامْرَأَته " عَطْف عَلَى ضَمِير يَصْلَى سَوَّغَهُ الْفَصْل بِالْمَفْعُولِ وَصِفَته وَهِيَ أُمّ جَمِيل " حَمَّالَة " بِالرَّفْعِ وَالنَّصْب " الْحَطَب " الشَّوْك وَالسَّعْدَان تُلْقِيه فِي طَرِيق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
" فِي جِيدهَا " عُنُقهَا " حَبْل مِنْ مَسَد " أَيْ لِيف وَهَذِهِ الْجُمْلَة حَال مِنْ حَمَّالَة الْحَطَب الَّذِي هُوَ نَعْت لِامْرَأَتِهِ أَوْ خَبَر مُبْتَدَأ مُقَدَّر .
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
" إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه " نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَعْدَائِهِ " وَالْفَتْح " فَتْح مَكَّة
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا
" وَرَأَيْت النَّاس يَدْخُلُونَ فِي دِين اللَّه " أَيْ الْإِسْلَام " أَفْوَاجًا " جَمَاعَات بَعْدَمَا كَانَ يَدْخُل فِيهِ وَاحِد وَاحِد , وَذَلِكَ بَعْد فَتْح مَكَّة جَاءَهُ الْعَرَب مِنْ أَقْطَار الْأَرْض طَائِعِينَ
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا
" فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك " أَيْ مُتَلَبِّسًا بِحَمْدِهِ " وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد نُزُول هَذِهِ السُّورَة يُكْثِر مِنْ قَوْل : سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ , أَسْتَغْفِر اللَّه وَأَتُوب إِلَيْهِ , وَعَلِمَ بِهَا أَنَّهُ قَدْ اِقْتَرَبَ أَجَله وَكَانَ فَتْح مَكَّة فِي رَمَضَان سَنَة ثَمَان وَتُوُفِّيَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَبِيع الْأَوَّل سَنَة عَشْر .
قُلْ يَا أَيُّهَا
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمه فِيمَا ذُكِرَ عَرَضُوا عَلَيْهِ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّه سَنَة , عَلَى أَنْ يَعْبُد نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلِهَتهمْ سَنَة , فَأَنْزَلَ اللَّه مَعْرِفَة جَوَابهمْ فِي ذَلِكَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ سَأَلُوك عِبَادَة آلِهَتهمْ سَنَة , عَلَى أَنْ يَعْبُدُوا إِلَهك سَنَة { يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ } بِاَللَّهِ
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ
" لَا أَعْبُد " فِي الْحَال " مَا تَعْبُدُونَ " مِنْ الْأَصْنَام
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ
" وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ " فِي الْحَال " مَا أَعْبُد " وَهُوَ اللَّه تَعَالَى وَحْده
وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ
" وَلَا أَنَا عَابِد " فِي الِاسْتِقْبَال " مَا عَبَدْتُمْ "
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ
" وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ " فِي الِاسْتِقْبَال " مَا أَعْبُد " عَلِمَ اللَّه مِنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ , وَإِطْلَاق مَا عَلَى اللَّه عَلَى وَجْه الْمُقَابَلَة .
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ
" لَكُمْ دِينكُمْ " الشِّرْك " وَلِيَ دِين " الْإِسْلَام وَهَذَا قَبْل أَنْ يُؤْمَر بِالْحَرْبِ وَحَذَفَ يَاء الْإِضَافَة الْقُرَّاء السَّبْعَة وَقْفًا وَوَصْلًا وَأَثْبَتَهَا يَعْقُوب فِي الْحَالَيْنِ .
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ
" إِنَّا أَعْطَيْنَاك " يَا مُحَمَّد " الْكَوْثَر " هُوَ نَهْر فِي الْجَنَّة هُوَ حَوْضه تَرِد عَلَيْهِ أُمَّته , وَالْكَوْثَر : الْخَيْر الْكَثِير مِنْ النُّبُوَّة وَالْقُرْآن وَالشَّفَاعَة وَنَحْوهَا
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ
" فَصَلِّ لِرَبِّك " صَلَاة عِيد النَّحْر " وَانْحَرْ " نُسُكك
إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
" إِنَّ شَانِئُك " أَيْ مُبْغِضك " هُوَ الْأَبْتَر " الْمُنْقَطِع عَنْ كُلّ خَيْر , أَوْ الْمُنْقَطِع الْعَقِب , نَزَلَتْ فِي الْعَاصِي بْن وَائِل سَمَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْتَر عِنْد مَوْت اِبْنه الْقَاسِم .
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ
" أَلَمْ تَرَ " اِسْتِفْهَام تَعَجُّب , أَيْ اِعْجَبْ " كَيْف فَعَلَ رَبّك بِأَصْحَابِ الْفِيل " هُوَ مَحْمُود وَأَصْحَابه أَبَرْهَة مَلِك الْيَمَن وَجَيْشه , بَنَى بِصَنْعَاء كَنِيسَة لِيَصْرِف إِلَيْهَا الْحَاجّ عَنْ مَكَّة فَأَحْدَثَ رَجُل مِنْ كِنَانَة فِيهَا وَلَطَّخَ قِبْلَتهَا بِالْعَذِرَةِ اِحْتِقَارًا بِهَا , فَحَلَفَ أَبَرْهَة لَيَهْدِمَنَّ الْكَعْبَة , فَجَاءَ مَكَّة بِجَيْشِهِ عَلَى أَفْيَال الْيَمَن مُقَدَّمهَا مَحْمُود , فَحِين تَوَجَّهُوا لِهَدْمِ الْكَعْبَة أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ مَا قَصَّهُ فِي قَوْله :
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ
" أَلَمْ يَجْعَل " أَيْ جَعَلَ " كَيْدهمْ " فِي هَدْم الْكَعْبَة " فِي تَضْلِيل " خَسَارَة وَهَلَاك
وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ
" وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيل " جَمَاعَات جَمَاعَات , قِيلَ لَا وَاحِد لَهُ كَأَسَاطِير , وَقِيلَ وَاحِده : أُبُول أَوْ إِبَال أَوْ إِبِّيل كَعُجُولِ وَمِفْتَاح وَسِكِّين
تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ
" تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيل " طِين مَطْبُوخ
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
" فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول " كَوَرَقِ زَرْع أَكَلَتْهُ الدَّوَابّ وَدَاسَتْهُ وَأَفْنَتْهُ , أَيْ أَهْلَكَهُمْ اللَّه تَعَالَى كُلّ وَاحِد بِحَجَرِهِ الْمَكْتُوب عَلَيْهِ اِسْمه , وَهُوَ أَكْبَر مِنْ الْعَدَسَة وَأَصْغَر مِنْ الْحِمِّصَة يَخْرِق الْبَيْضَة وَالرَّجُل وَالْفِيل وَيَصِل إِلَى الْأَرْض , وَكَانَ هَذَا عَام مَوْلِد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
" وَيْل " كَلِمَة عَذَاب أَوْ وَادٍ فِي جَهَنَّم " لِكُلِّ هُمَزَة لُمَزَة " أَيْ كَثِير الْهَمْز وَاللَّمْز , أَيْ الْغِيبَة نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ يَغْتَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ كَأُمَيَّة بْن خَلَف وَالْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَغَيْرهمَا
الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ
" الَّذِي جَمَعَ " بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد " مَالًا وَعَدَّدَهُ " أَحْصَاهُ وَجَعَلَهُ عُدَّة لِحَوَادِث الدَّهْر
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ
"يَحْسَب " لِجَهْلِهِ " أَنَّ مَاله أَخْلَدَهُ " جَعَلَهُ خَالِدًا لَا يَمُوت
كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ
" كَلَّا " رَدْع " لَيُنَبَذَنَّ " جَوَاب قَسَم مَحْذُوف , أَيْ لَيُطْرَحَنَّ " فِي الْحُطَمَة " الَّتِي تُحَطِّم كُلّ مَا أُلْقِيَ فِيهَا
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ
" وَمَا أَدْرَاك " أَعْلَمَك " مَا الْحُطَمَة "
نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ
" نَار اللَّه الْمُوقِدَة " الْمُسَعَّرَة
الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ
" الَّتِي تَطَّلِع " تُشْرِف " عَلَى الْأَفْئِدَة " الْقُلُوب فَتُحْرِقهَا وَأَلَمهَا أَشَدّ مِنْ أَلَم غَيْرهَا لِلُطْفِهَا
إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ
" إِنَّهَا عَلَيْهِمْ " جَمَعَ الضَّمِير رِعَايَة لِمَعْنَى كُلّ " مُؤْصَدَة " بِالْهَمْزِ وَبِالْوَاوِ بَدَله , مُطْبَقَة
فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ
" فِي عَمَد " بِضَمِّ الْحَرْفَيْنِ وَبِفَتْحِهِمَا " مُمَدَّدَة " صِفَة لِمَا قَبْله فَتَكُون النَّار دَاخِل الْعَمَد
وَالْعَصْرِ
" وَالْعَصْر " الدَّهْر أَوْ مَا بَعْد الزَّوَال إِلَى الْغُرُوب أَوْ صَلَاة الْعَصْر
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ
" إِنَّ الْإِنْسَان " الْجِنْس " لَفِي خُسْر " فِي تِجَارَته
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
" إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات " فَلَيْسُوا فِي خُسْرَان " وَتَوَاصَوْا " أَوْصَى بَعْضهمْ بَعْضًا " بِالْحَقِّ " الْإِيمَان " وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " عَلَى الطَّاعَة وَعَنْ الْمَعْصِيَ
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ
" أَلْهَاكُمْ " شَغَلَكُمْ عَنْ طَاعَة اللَّه " التَّكَاثُر " التَّفَاخُر بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَاد وَالرِّجَال
حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ
" حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِر " بِأَنْ مُتُّمْ فَدُفِنْتُمْ فِيهَا , أَوْ عَدَدْتُمْ الْمَوْتَى تَكَاثُرًا
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ
" كَلَّا " رَدْع " سَوْفَ تَعْلَمُونَ "
ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ
" ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ " سُوء عَاقِبَة تَفَاخُركُمْ عِنْد النَّزْع ثُمَّ فِي الْقَبْر
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ
" كَلَّا " حَقًّا " لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْم الْيَقِين " عِلْمًا يَقِينًا عَاقِبَة التَّفَاخُر مَا اِشْتَغَلْتُمْ بِهِ
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ
" لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم " النَّار جَوَاب قَسَم مَحْذُوف وَحُذِفَ مِنْهُ لَام الْفِعْل وَعَيْنه وَأُلْقِيَتْ حَرَكَتهَا عَلَى الرَّاء
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ
" ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا " تَأْكِيد " عَيْن الْيَقِين " مَصْدَر لِأَنَّ رَأَى وَعَايَنَ بِمَعْنًى وَاحِد
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
" ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ " حُذِفَ مِنْهُ نُون الرَّفْع لِتَوَالِي النُّونَات وَوَاو ضَمِير الْجَمْع لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ " يَوْمئِذٍ " يَوْم رُؤْيَتهَا " عَنْ النَّعِيم " مَا يُلْتَذّ بِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ الصِّحَّة وَالْفَرَاغ وَالْمَطْعَم وَالْمَشْرَب وَغَيْر ذَلِكَ .
الْقَارِعَةُ
" الْقَارِعَة " الْقِيَامَة الَّتِي تَقْرَع الْقُلُوب بِأَهْوَالِهَا
مَا الْقَارِعَةُ
" مَا الْقَارِعَة " تَهْوِيل لِشَأْنِهَا وَهُمَا مُبْتَدَأ وَخَبَر خَبَر الْقَارِعَة
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ
" وَمَا أَدْرَاك " أَعْلَمَك " مَا الْقَارِعَة " زِيَادَة تَهْوِيل لَهَا وَمَا الْأُولَى مُبْتَدَأ وَمَا بَعْدهَا خَبَره وَمَا الثَّانِيَة وَخَبَرهَا فِي مَحَلّ الْمَفْعُول الثَّانِي لَأَدْرَى
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ
" يَوْم " نَاصِبه دَلَّ عَلَيْهِ الْقَارِعَة , أَيْ تَقْرَع " يَكُون النَّاس كَالْفِرَاشِ الْمَبْثُوث " كَغَوْغَاء الْجَرَاد الْمُنْتَشِر يَمُوج بَعْضهمْ فِي بَعْض لِلْحِيرَةِ إِلَى أَنْ يُدْعَوْا لِلْحِسَابِ
وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ
" وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوش " كَالصُّوفِ الْمَنْدُوف فِي خِفَّة سَيْرهَا حَتَّى تَسْتَوِي مَعَ الْأَرْض
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
" فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه " بِأَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاته عَلَى سَيِّئَاته
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ
" فَهُوَ فِي عِيشَة رَاضِيَة " فِي الْجَنَّة , أَيْ ذَات رِضًى بِأَنْ يَرْضَاهَا , أَيْ مَرْضِيَّة لَهُ
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
" وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه " بِأَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاته عَلَى حَسَنَاته
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ
" فَأُمّه " فَمَسْكَنه " هَاوِيَة "
وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ
" وَمَا أَرَاك مَا هِيَهْ " أَيْ مَا هَاوِيَة
نَارٌ حَامِيَةٌ
" نَار حَامِيَة " هِيَ شَدِيدَة الْحَرَارَة وَهَاء هِيَهْ لِلسَّكْتِ تُثْبَت وَصْلًا وَوَقْفًا وَفِي قِرَاءَة تُحْذَف وَصْلًا .
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا
" وَالْعَادِيَات " الْخَيْل تَعْدُو فِي الْغَزْو وَتَضْبَح " ضَبْحًا " هُوَ صَوْت أَجْوَافهَا إِذَا عَدَتْ
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا
" فَالْمُورِيَات " الْخَيْل تُورِي النَّار " قَدْحًا " بِحَوَافِرِهَا إِذَا سَارَتْ فِي الْأَرْض ذَات الْحِجَارَة بِاللَّيْلِ
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا
" فَالْمُغِيرَات صُبْحًا " الْخَيْل تُغِير عَلَى الْعَدُوّ وَقْت الصُّبْح بِإِغَارَةِ أَصْحَابهَا
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا
" فَأَثَرْنَ " هَيَّجْنَ " بِهِ " بِمَكَانِ عَدْوهنَّ أَوْ بِذَلِكَ الْوَقْت " نَقْعًا " غُبَارًا بِشِدَّةِ حَرَكَتهنَّ
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا
" فَوَسَطْنَ بِهِ " بِالنَّقْعِ " جَمْعًا " مِنْ الْعَدْو أَيْ صِرْنَ وَسَطه وَعُطِفَ الْفِعْل عَلَى الِاسْم لِأَنَّهُ فِي تَأْوِيل الْفِعْل أَيْ وَاَللَّاتِي عَدَوْنَ فَأَوْرَيْن فَأَغَرْنَ
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
" إِنَّ الْإِنْسَان " الْكَافِر " لِرَبِّهِ لَكَنُود " لَكَفُور يَجْحَد نِعْمَته تَعَالَى
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ
" وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ " أَيْ كَنُوده " لَشَهِيد " يَشْهَد عَلَى نَفْسه بِصُنْعِهِ
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ
" وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْر " أَيْ الْمَال " لَشَدِيد " الْحُبّ لَهُ فَيَبْخَل بِهِ
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ
" أَفَلَا يَعْلَم إِذَا بُعْثِرَ " أُثِيرَ وَأُخْرِجَ " مَا فِي الْقُبُور " مِنْ الْمَوْتَى , أَيْ بُعِثُوا
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ
" وَحُصِّلَ " بُيِّنَ وَأُفْرِزَ " مَا فِي الصُّدُور " الْقُلُوب مِنْ الْكُفْر وَالْإِيمَان
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ
" إِنَّ رَبّهمْ بِهِمْ يَوْمئِذٍ لَخَبِير " لَعَالَم فَيُجَازِيهِمْ عَلَى كُفْرهمْ , أُعِيدَ الضَّمِير جَمْعًا نَظَرًا لِمَعْنَى الْإِنْسَان وَهَذِهِ الْجُمْلَة دَلَّتْ عَلَى مَفْعُول يَعْلَم , أَيْ إِنَّا نُجَازِيه وَقْت مَا ذَكَرَ وَتَعَلَّقَ خَبِير بِيَوْمَئِذ وَهُوَ تَعَالَى خَبِير دَائِمًا لِأَنَّهُ يَوْم الْمُجَازَاة