لاتحزن : لأنك جربت الحزن بالأمس فما نفعك شيئا،
رسب إبنك فحزنت ، فهل نجح؟!
مات والدك فحزنت فهل عاد حيا؟!
خسرت تجارتك فخزنت فهل عادت الخسائر أرباحا؟!
لاتحزن : لأنك حزنت من المصيبة فصارت مصائب،
وحزنت من الفقر فازددت نكدا،
وحزنت من كلام أعدائك فأعنتهم عليك،
وحزنت من توقع مكروه فما وقع.
لاتحزن : فإنه لن ينفعك مع الحزن دار واسعة، ولا زوجة حسناء،
ولا مال وفير، ولا منصب سام،
ولا أولاد نجباء.
لاتحزن : لأن الحزن يريك الماء الزلال علقما،
والوردة حنظلة،
والحديقة صحراء قاحله،
والحياة سجنا لا يطاق،
لاتحزن : وأنت عندك عينان وأذنان وشفتان ويدان ورجلان ولسان،
وجنان وأمن وأمان وعافية في الأبدان: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)
لاتحزن : ولك دين تعتقده،
وبيت تسكنه، وخبز تأكله،
وماء تشربه،
وثوب تلبسه، وزوجة تأوي إليها،
فلماذا تحزن؟!
لاتحزن : إن كنت فقيرا فغيرك محبوس في دين،
وإن كنت لاتملك وسيلة نقل،
فسواك مبتور القدمين،
وإن كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون على الأسرة البيضاء ومنذ سنوات،
وإن فقدت ولدا فسواك فقد عددا من الأولاد في حادث واحد.
لاتحزن : إن أذنبت فتب، وإن أسأت فاستغفر، وإن أخطأت فأصلح،
فالرحمة واسعه، والباب مفتوح، والغفران جم، والتوبة مقبولة.
لاتحزن : لأنك تقلق أعصابك، وتهز كيانك وتتعب قلبك،
وتقض مضجعك، وتسهر ليلك.
لاتحزن : فإن أموالك التي في خزانتك وقصورك السامقه،
وبساتينك الخضراء،
مع الحزن والأسى واليأس : زيادة في أسفك وهمك وغمك.
لاتحزن : فإن عقاقير الأطباء ،
ودواء الصيادله، ووصفة الطبيب لاتسعدك،
وقد أسكنت الحزن قلبك،
وفرشت له عينك، وبسطت له جوانحك،
وألحفته جلدك.
لاتحزن : وأنت تملك الدعاء، وتجيد الانطراح على عتبات الربوبيه،
وتحسن المسكنة على أبواب ملك الملوك،
ومعك الثلث الأخير من الليل،
ولديك ساعة تمريغ الجبين في السجود.
لاتحزن : فإن الله خلق لك الأرض ومافيها،
وأنبت لك حدائق ذات بهجة،
وبساتين فيها من كل زوج بهيج،
ونخلا بسقات له طلع نضيد،
ونجوما لامعات، وخمائل وجداول،
ولكنك تحزن ! !
لاتحزن : فأنت تشرب الماء الزلال، وتستنشق الهواء الطلق،
وتمشي على قدميك معافى، وتنام ليلك آمنا.
لاتحزن: فإن المرض يزول، والمصاب يحول،
والذنب يغفر، والدين يقضى، والمحبوس يفك،
والغائب يقدم، والعاصي يتوب، والفقير يغتني.
لاتحزن : لهيب الشمس يطفئه وارف الظل، وظما الهاجرة يبرده الماء النمير،
وعضة الجوع يسكنها الخبز الدافئ، ومعاناة السهر يعقبه نوم لذيذ،
وآلام المرض يزيلها لذيذ العافية،
فما عليك إلا الصبر قليلا والانتظار لحظة.
لاتحزن : فقد حار الأطباء ، وعجز الحكماء، ووقف العلماء ، وتساءل الشعراء،
وبارت الحيل أمام نفاذ القدرة، ووقوع القضاء ، وحتمية المقدور قال علي بن جبلة:
عسى فرج يكون عسى
نعلل نفسنا بعسى
فلا تقنط وإن لاقيت هما يقبض النفسا
فأقرب مايكون المرء من فرج إذا يئسا.
لاتحزن : فإن الله يدافع عنك، والملائكة تستغفر لك،
والمؤمنون يشركونك في دعائهم كل صلاة،
والنبي (ص) يشفع ، والقرآن يعدك وعدا حسنا،
وفوق هذا رحمة أرحم الراحمين.
لاتحزن : فإن الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة،
والسيئة بمثلها إلا أن يعفو ربك ويتجاوز، فكم لله من كرم ماسمع مثله !
ومن جود لا يقاربه جود !
لاتحزن : فأنت على خير في ضرائك وسرائك، وغناك وفقرك،وشدتك ورخائك،
(( عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر فكان خيرا له ))
لاتحزن : لأن الحزن يضعفك في العبادة، يعطلك عن الجهاد،
ويورثك الإحباط، ويدعوك إلى سوء الظن،
ويوقعك في التشاؤم.
لاتحزن : فإن الحزن والقلق أساس الأمراض النفسيه، ومصدر الآلام العصبية،
ومادة الأنهيار والوسواس والإضطراب.
لاتحزن : ولا تستسلم للحزن عن طريق الفراغ والعطالة، صل.. سبح أقرأ.. اكتب .. استقبل .. زر .. تأمل.
{وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} [غافر: 40/60]
{ ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لايحب المعتدين }الأعراف :55
{ فادعوا الله مخلصين له الدين } العنكبوت 65 { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى }الاسراء