هامش الفتوي
عمل المرأة.. قضية تحتاج إلي مراقبة
عبداللطيف فايد
في عمل صحفي باحدي الزميلات الأسبوعية قرأت عنوان عمل مع احدي السيدات اللاتي يشتغلن بالنشاط العام في الحياة. العنوان يقول: "زواجي المبكر لم يمنعني من النجاح والتفوق" وهو عنوان مثير للذين يريدون من المرأة أن تكون بانية للأجيال مربية لها. وهو يفيد من جانبه الآخر أن زواج المرأة يمنعها من العمل والانتاج العام. وهذا مفهوم خاطئ لعمل المرأة التي تعتبر المسئولة الأولي عن تربيه الأجيال. وبخاصة البنات فهن يأنسن إلي أماتهن اكثر من آبائهن. والبنون علي العكس من ذلك. وهذه طبيعة الحياة أن يأنس كل جنس إلي مثيله. لكن المشكلة في الفهم الآخر لزواج البنات وانجابهن ابناء يحتاجون إلي الحنان والرعاية والتربية والمتابعة ومراقبة التصرفات. وبعد انتشار تعلم المرأة اصبحت مسئولة ايضا عن عملية التنمية للحياة.
القضية في اعتبار المرأة التي تتفرغ للمنزل بعد الزواج غير منتجة وغير مشاركة في بناء الحياة. وهي قضية يجب فهمها علي حقيقتها. فالمرأة التي تتفرغ للمنزل بعد اتمام تعليمها الجامعي إنما تشارك أكثر من غيرها الموظفة في بناء الحياة. فالثابت بالتجارب المتتابعة والملاحظات المستمرة ان المرأة أقل انتاجا في العمل العام من الرجل. بينما هي في المنزل أكثر أهمية من الرجل. فهي التي تربي الأبناء وتشرف علي الاداء المنزلي الذي تتطلبه الدراسة بالمدارس. وهذه مهمة صعبة للغاية. فالمطلوب من المرأة حينئذ ان تكون منتجة في العمل العام الذي يخدمه العمل الخاص وهو رعاية العمل المنزلي الذي تدني في بعض العصور إلي وصف الأمهات اللاتي يتفرغن للعمل المنزلي بعد اتمام التعليم والزواج بالخادمات. وهذا بالاضافة إلي انه احتقار لعمل الخادمات بالمنازل هو احتقار لعمل المرأة في منزلها ومسئوليتها عن رعاية هذا المنزل ومن يعيشون فيه لأنهم بناة الحياة العامة. وكلما كانت التربية قوية في المنزل فإن الأداء الوظيفي للمرأة خارجه يكون أحسن حالا.
ان تغيير النظرة إلي المرأة التي تتفرغ لخدمة منزلها وتربية ابنائها ورعاية زوجها بعد اتمام التعليم أمر واجب علي مستوي المجتمع كله. وقد صادفت في مسيرتي العملية ان رئيس احدي المصالح يعطي ساعتين من عدم العمل للنساء العاملات. فهو يبيح لهن التأخر عن الحضور ساعة في الصباح. ويبيح لهن الانصراف قبل انتهاء مواعيد العمل بساعة ايضا ولما سألته عن السر في ذلك قال: المواصلات عندنا مزدحمة ونحن كشرقيين ومؤمنين بالأديان السماوية نغار علي المرأة من "البهدلة" في وسائل المواصلات. وقد اتخذت هذا الإجراء علي مسئوليتي الشخصية وهي مسئولية تخضع للحساب مع هذا التصرف ولكن أحدا من القياديين الأعلي مني مسئولية وأقدر علي انزال العقاب بالمخالفين للنظام العام لم يسألني عن تصرفي هذا ولم يحاسبني عليه. لأن فيه مخالفة صريحة للقوانين. وهذا يؤكد أن تصرفي منطقي مع طبيعة حياتنا. ولم اتحدث معه بعد ذلك عن مستوي الأداء النسائي في الموقع الذي يعمل فيه. وهو موقع شديد الحساسية وشديد العقاب عند المخالفات لنظام العمل المعروف والذي يخضع له الرجال والنساء علي السواء.
أعود إلي العبارة التي ذكرتها للسيدات العاملات والتي كانت سببا في تداعيات هذا المقال وهي: "إن زواجي المبكر لم يمنعني من النجاح والتفوق" وهي مغالطة واضحة لطبيعة الحياة وبخاصة بالنسبة للمرأة العاملة فعلي الرغم من ابتكارات الأدوات المنزلية التي تخفف كثيرا من الأعباء التي تتحملها المرأة في أعمالها المنزلية لاتزال المرأة العاملة مرهقة لأن طبيعة حياتنا تجعلها مسئولة عن العمل المنزلي بالاضافة إلي أدائها عملها الوظيفي. وهي قضية لا تجعل في امكانها القيام بالعملين علي وجه الكمال أو علي وجه له الأفضلية الواجبة لتسير الحياة في المنزل مواكبة لحسن سير العمل الوظيفي خارج المنزل. والقول بأن المرأة تؤدي العملين علي خير وجه هو مغالطة ما في ذلك شك. وهو يحتاج منا إلي دراسة اجتماعية صادقة. مع اعتبار أن المرأة التي تبلغ من التعليم حده العالي ثم تتفرغ للمنزل امرأة لا تقل شأنا عن المرأة العاملة في خدمة الحياة بتوفيرها الرعاية الفضلي لمن في المنزل من زوج وأبناء. منهم البنون ومنهم البنات. وكلهم يحتاج إلي رعايتها. الأمر الذي يجب فيه تغيير النظر إلي المرأة التي تتفرغ للمنزل بعد اتمام تعليمها. واعتبار مهمتها حينئذ أعلي شأنا من مهمة المرأة العاملة بالوظيفة في دواوين الحكومة. والتي تختلف في مستوي الأداء عن مثيلتها العاملة لدي القطاع الخاص.
وعلي الرغم من ذلك فإن القضية أوسع بكثير مما يذكر المراقبون والملاحظون ومن يعدون خطط العمل والانتاج. وهي تحتاج إلي مساهمة كل المهتمين بهذه القضية من الرجال والنساء علي السواء