بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:
*وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعشرون (68) ثم كلي من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا يخرج من بطونهاشراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون (69)* سوره النحل :68,69
النحل من المخلوقات الذكية النفس المؤمنة بالله عز وجل الطائعة له بدليل أن الله أوحى إليها كما أوحى إلى الأنبياء وكما أوحى لأم موسى عليهم السلام .
والوحى إلى النحل دليل على التكاليف الذي كلف الله عز وجل بها النحل بكيفيه العيس فى الجبال والشجر والنباتات والأسقف وغيرها مما قدر الله له من أماكن العيشكما أن الله عز وجل قد كلف النحل بالأكل من الثمرات الطيبة الطاهرة الذكية مثل الزهور والنباتات ، والوحى إلى النحل هو الإلهام ،أى أن الله عز وجل ألهمها إلي مساكنها وطعامها دون معلم أو دليل أو قائد ويكفي النحل فخرا أنه المثل الأعلى للإنسان في الجد والعمل والإخلاص والطاعة لله عز وجل كما أن الله ألهم النحل العمل والنظام والجد ، وكفية بناء الخلايا بأشكال هندسية جميلة المنظر متساوية الأضلاع .
كما أن هذا الوحى من الله إلي النحل هو دليل علي أن من الحيوانات والحشرات ما يوحى إليه ، ولعل الله قد رتب للنحل مساكنه وهى الجبال ولعل النحل الذي يسكن في الجبال يكون عسله أغلى أنواع العسل لأنه أنقى وأفضل وأكثر فائدة من العسل الذي يسكن نحله في أماكن أخرى حتى أن كيلو العسل الجبلي يصل إلى مئات الجنيهات وربما يصل إلي ألف جنيه .
كما أن وحى الله إلي النحل دليل على ان الله عز وجل قد رزقها العقل والرشد وحسن التفكير وتدبير أمورها بهذا النظام وليس الأمر مجرد طابع أو غرائز وليس هناك أدل على ذلك من أن النمل عندما رأى جيش نبى الله سليمان وموكبه قالت النملة (* يا أيها النمل ادخلو مساكنكم * ) سوره النمل :18
وهذا دليل آخر على أن الحيوانات والحشرات رزقها الله عز وجل العقل فليس هناك أدل على عقل النحل من أن الله كلفها أن تأكل وتجمع هذه الجزيئات والذرات الرقيقه والدقيقه من زهور النباتات وذلك لقول الله تعالى (* ثم كلي من كل الثمرات *)
وهذا الرحيق المجموع بمهرفة النحل ما هو إلا مواد عطريه وطبية يجمعها النحل وذلك لقوله (* فيه شفاء للناس *) أى أن معنى هذا أن العسل الذي نأخذه من هذا النحل هو جهد مبذول من النحل لجمع مواد محددة جمع الله فيها شفاء للناس .
إن النحل يجمع من هذه الزهور ما هو فية شفاء للناس أما دون ذلك فلا يقترب منه وهذا دليل على مدى التزام النحل بما كلفه الله عز وجل به وهذا دليل على طاعة النحل لله وإتباع رسالة ربه مثل طاعة الأنبياء وإبلاغ رسالات ربهم إلى أممهم،
وهذا العسل فيه شفاء غذاء وشراب وعلاج والعجب أن النحل يجمع هذا الغذاء من زهور بيضاء وصفراء وحمراء وغيرها وجميعها مختلف الألوان ويفرز عسلا ذا لون واحد،
فهو شفاء لجميع أمراض الناس كما جعل الله القرآن شفاء لما في الصدور من الكفر والغل والحقد والكراهية ، وهذا دليل على أن الله كلف النحل بما لم يكلف به الإنسان فقد يعجز الطبيب على شفاء المريض مما نزل به من مرض ولكن العسل هو شفاء لكل داءولعل السنة النبوية قد أكدت ذلك في العديد من الأحاديث النبويه الشريفة على ذلك وهو علاج للأمراض الجسدية والنفسية ، وعن العسل في السنة قال الصحابي الجليل عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم < الشفاء في ثلاث ، شربة عسل وشرطة محتجم وكية نار وأنهى أمتى عن الكى > رواه البخارى :5680
وهذا دليل على ما أنزل الله بالإنسان من داء إلا وجعل له شفاء وذلك لحديث أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم < ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء > فتح البارى :166 م 10
وعن فضل الشفاء بالعسل تقول أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت < كان النبى يعجبه الحلواء من العسل > ويقول جابر بن عبد الله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : <إن كان في شئ من أدويتكم أو يكون في شئ من أدويتكم خيرا ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار توافق الداء وما أحب من اكتوى >
وعن أبى سعيد الخدرى قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال < يا رسول الله ، أخى يشتكى بطنه فقال رسول الله أسقه عسلا ثم أتاه ثانية فقال له رسول الله أسقه عسلا ، ثم أتاه ثالثة فقال له أسقه عسلا ،ثم أتاه فقال قد فعلت ، فقال له رسول الله < صدق الله وكذبت بطن أخيك ، أسقه عسلا ، فسقاه فبرأ > فتح البارى 172 م 10 رواه البخارى 56836
يتبع